* د. ميريام ستانلي
الاسترخاء هو في الواقع طريقة معيشة. إذ أنه يستوجب على المرء أن يتعلم كيفية الإبقاء على حسن الاسترخاء الذي تولده هذه الأنشطة المختلفة وحمله عبر الأيام القادمة الحافلة بالعمل. ولتحقيق ذلك يجب استيضاح نقطتين هامتين.
يتكوّن كلّ كائن بشري من عقل وعاطفة وجسد. وتتفاعل هذه الأجزاء المنفصلة في ما بين تفاعل وثيق. فإن شعرت بتوتر عاطفي ـ أو بالعصبية أو الخوف أو الغضب ـ توتر جسدك. وإن أحسست بالتوتر الجسدي، يصعب عليك أن تكوني هادئة عاطفياً. كذلك، لن يبقى عقلك، وهو القوة المفكرة فيك، تحت سيطرتك، إذ يتملك التوتر جسدك وعواطفك على السواء. فكم من مرة سألت أناساً يعانون من ضغط عاطفي كبير ((ما الأمر؟ ماذا تحاول أن تفعل؟)) يكون الجواب ((آه، لم يعد بإمكاني التفكير بوضوح)).
وكم من مرة عانينا جميعاً من تلك اللحظات التي نفقد فيها سيطرتنا على كل ما يحيط بنا! فقليل من الناس يدركون أهمية فهم التفاعل بين العقل والعاطفة والجسد، ومدى تأثير الواحد منها على الآخر.
من جهة ثانية، يعتبر الكائن البشري في الحقيقة وحدة إنتاج للطاقة. فهو يتزود بالطاقة ويصرفها، في مختلف نواحي حياته. فالحياة عبارة عن طاقة، وإن فنّ الاسترخاء يتمثل بتعلّم كيفية استخدام الطاقة بشكل سليم وكيفية الحفاظ على رصيد ثابت منها.
يدخل الأوكسجين إلى الرئتين عبر التنفس، ويحمله الدم إلى جميع خلايا الجسم وأعضائه. لهذا السبب يعتبر التنفس الصحيح لملء الرئتين بالأوكسجين أساساً لحفاظ المرء على صحته وعافيته. والواقع أننا لكما شددنا عضلة استخدمنا بعض الأوكسجين. ذلك أن هذا العنصر هو مصدر رئيسي للطاقة. وإن توترت العضلات بلا داع، ضاعت الطاقة سدىً. فقد صادفت أناساً كثر يستهلون أيامهم مشدودي الكتفين والفك، مقبوضي الكفين، عابسين على الدوام، غير مدركين لما يصرفونه من طاقة ثمينة بلا فائدة. فيستنفدون رصيدهم منها ويتساءلون مع ذلك عن سبب الضعف الجسدي والعاطفي والعقلي الذي يشعرون به.
ملاحظات هامة:
يجب أن تتعلمي أولاً كيفية إراحة الجسد بالكامل وخفض توتر العضلات إلى حدّ أدنى، وبالتالي استهلاك أقل كمية من الأوكسيجين. ثم تأخذين بعد ذلك أقصى قدر ممكن من الأوكسجين ليمر عبر الرئتين إلى الدم.
استرخي وحسب:
قبل الحديث عن الاسترخاء، أودّ أن أشير إلى أنه ما من عضلة في الجسم تتحرك بدون منبّه عصبي. فتوتر العضلة واسترخاؤها يتطلبان انتقال إشارات عبر الألياف العصبية.
والواقع أنه باستطاعة أياً كان الاسترخاء إن هو شاء ذلك، ما لم يكن يعاني من مشاكل في جهازه العصبي. إلا أنه يجب أن يرغب بأن يعيش حياته بملئها وبأن يعمل جسده بالشكل الأمثل. ويستلزم ذلك إدراك مدى أهمية الحفاظ على الطاقة. فقد أكدت لي إحدى مرضاي قائلة: ((لن تتمكني من تعليمي كيفية الاسترخاء، فأنا إنسانة شديدة التوتر. كنت دائماً كذلك وسأبقى))، فأجبتها: ((ما من أحد يستطيع منعك نمن التعلم سواك أنت، فإن أردت التغيير، بإمكانك ذلك)). بيد أنها كانت رافضة مع الأسف، وتمسكت بفكرة مسبقة عن نفسها بأنها امرأة عصبية. فلم يكن بمقدور أي كان أن يثنيها عن إيذاء نفسها بما أنها اختارت ذلك.
بالتالي، عندما تنوين الاسترخاء ليكن موقفك تجاهه إيجابياً. تمددي وأريحي نفسك بواسطة الوسائد، واشعري بالمتعة والاكتفاء، وكوني مدركة بأنك قادرة على استغلال هذا الوقت لتجديد طاقتك التي تحتاجين لإنجاز ما ينتظرك من أعمال.
وفي حال استخدام عدسات لاصقة يستحسن نزعها قبل البدء بفترة الاسترخاء التام. فحين تسترخي العينان تستديران نحو الأعلى وقد يتغير مكان العدسة.
ويتطلب الاسترخاء التام التمدد على سطح أفقي، كالسرير أو الأرض أو كرسي للنوم. ذلك أن الجلوس على كنبة يسبب بعض التوتر في عضلات الرقبة. وأوضاع الاسترخاء عديدة، عليك اختيار ما يناسبك منها. فإن تمددت على ظهرك، احرصي على وضع وسادة تحت فخذيك. وإن اضطجعت على جنبك ضعي وسادة صغيرة تحت بطنك لسند الثقل وأخرى بين فخذيك.
فهي وضعية فعالة جداً ن كنت تعانين من عرق النسا. أما ألم الظهر، فبوسعك تخفيفه عبر دس وسادة صغيرة تحت ظهرك. غير أن اللجوء إلى الوسائد بالطريقة التي اقترحت، سيحسن وضعية نومك بشكل ملحوظ. كما أن الوسائد الصغيرة الحجم لا تحتل مكاناً كبيراً في السرير.
وفي الحقيقة يتوجب على كل إنسان، ذكراً كان أم أنثى، أن يتعلم تقنية الاسترخاء التام وكيفية تخصيص وقت ((لإعادة التغذي بالطاقة)). ولكن غالباً ما يظن الناس أنهم يضيعون وقتهم سدى)). فيشعرون بالذنب عند إيقاف النشاط الجسدي والتمدد لبرهة ((بدون عمل شيء))، خاصة إن كانت آلاف الأعمال بانتظارهم. إنهم يعتبرون الجلوس، والاستلقاء، لفترة عشر دقائق أو خمسة عشر دقيقة في منتصف نهار حافل بالعمل، نوعاً من الكسل والخمول. فهو يعدُّ بالنسبة إليهم تخلفاً عن تأدية الواجب الذي يقومون به ولكن لو يدرك الناس بأنهم عوضاً عن الكسل وإضاعة الوقت فهم يستغلونه بطريقة فعالة لتجديد النشاط وإزالة التعب. فهم يكوّنون رصيداً جديداً من الطاقة الجاهزة للاستخدام عند الحاجة. وهذه الطريقة في إعادة التغذي ((ستشكل نفعاً مستديماً للصحة والسعادة والعلاقات بالآخرين وللحياة بصورة عامة)).
والتوق إلى الكمال أمر جيد بالطبع، إلا أنه يجب أن يكون معتدلاً فالاعتدال هو أساس كل شيء، ذلك أن جميع الكائنات الحية تحمل الوجهين الإيجابي والسلبي، والحفاظ عليهما متوازين هو سرّ الحياة السعيدة الخلاّقة. أما الخوف من الفشل، والذي يعدّ عاطفة سلبية ومدمرة للغاية، فهو يتربص دوماً بالعقل المهووس بالكمال، مسبباً توتراً وضغطاً شديدين. وقد قرأت منذ عدة سنوات كلمات ساهمت في تغيير حياتي، وتقول: ((كي ينجح المرء عليه أن يرغب بالفشل)). فالخوف من الفشل يولد التوتر الذي يمنع المرء من بلوغ النتائج المثلى في المشاريع التي يباشرها. والواقع أننا معرضين جميعاً للسقوط لأن الإنسان الخارق لا وجود له. فإن تعلمنا من أخطائنا واعتبرناها تجربة أخرى في حياتنا، لن يكون ارتكابها معيباً في حقنا.
الثلاثاء أكتوبر 19, 2010 3:11 pm من طرف مصعب خالد
» ما جاء في خلود أهل الجنة وأهل النار
الثلاثاء أكتوبر 19, 2010 3:07 pm من طرف مصعب خالد
» من جاء بهن مع إيمان دخل الجنة
الثلاثاء أكتوبر 19, 2010 3:01 pm من طرف مصعب خالد
» تجديد الإيمان في القلب
الثلاثاء أكتوبر 19, 2010 2:52 pm من طرف مصعب خالد
» آية الكرسي دبر كل صلاة
الثلاثاء أكتوبر 19, 2010 2:49 pm من طرف مصعب خالد
» من أذكار الصباح
الثلاثاء أكتوبر 19, 2010 2:46 pm من طرف مصعب خالد
» استقبال القبلة واستدبارها في الغائط
الإثنين أكتوبر 04, 2010 6:15 am من طرف مصعب خالد
» خمس صلوات
الإثنين أكتوبر 04, 2010 5:51 am من طرف مصعب خالد
» جرب000
الثلاثاء سبتمبر 28, 2010 12:04 am من طرف جرجنازي